Your address will show here +12 34 56 78

مسؤوليّتنا تجاه المجتمع
 
التعايش 
إنّ الرّوح الإنسانيّ ليس له جنس ولا عرق ول قوميّة ولا طبقة. تلك حقيقة تعتبر جميع أشكال التّعصّب غير مقبولة بشكل مطلق لأنها تحول دون تحقق الإمكانات الكاملة للأفراد في المجتمع. إنّ السّبب الأصليّ للتّعصّب هو الجهل الّذي يمكن إزالته من خلال العمليّات التّعليميّة الّتي تجعل المعرفة في متناول الجنس البشريّ بأسره وتضمن أن لا تصبح مُلك أقليّة ذات أفضليّة. إنّ العلم والدّين نظامان متكاملان للمعرفة وتطبيقها، بهما يتمكّن أفراد البشر من فهم العالم الّذي يحيط بهم، وبواسطتهما تتقدّم الحضارة. إنّ الدّين بدون العلم سرعان ما ينحطّ إلى مستوى الخرافة والتّعصّب، والعلم بدون الديّن يصبح أداة للماديّة البحتة. إنّ الازدهار الحقيقيّ، هو ثمرة اتّساق ديناميكيّ بين المتطلّبات الماديّة والرّوحانيّة للحياة، فترجمة مُثل عليا كهذه إلى واقع لتُحدث تغييرًا على المستوى الفردي، وتُرسي أسس منظومات اجتماعية مناسبة. من المؤكّد أنّها ليست بالمهمّة الضّئيلة، ومع ذلك فإنّ المجتمع البهائي قد كرّس نفسه لعمليّة تعلّم طويلة المدى تستلزمها هذه المهمّةّ، عمليّة تتمثّل في مشروع يدعو أعدادًا متزايدة من جميع المنابت والمشارب ومن كافّة المجموعات البشريّة للمشاركة فيه. 

يتميّز مجتمعنا في الكويت بنعمة التّنوّع واحتوائه على ثقافات وجنسيّات متعدّدة، فنعيش معًا بكلّ تسامح، وجميعنا مسئولون عن تطوّر هذا المجتمع المتسامح وتحوّله ليسمو بتفاعلاته وعلاقاته إلى مرتبة التّعايش ضمن إطار وحدة الجنس البشريّ. لذا نتحاور ونتناقش في مجموعات مختلفة عن كيفيّة تحقيق الوحدة القائمة على مبدأ العدل والإنصاف والتّعرف على مفهوم التّعايش.
المواطنة
إنّ الهويّة الفرديّة والجماعيّة وإحساسنا بمن نكون وكيف نتلاءم مع العالم من حولنا يشكّلان جانبًا مهمًّا من تفاعلنا الاجتماعي كبشر، وهي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بإحساسنا بالهدف وبكيفيّة إدراكنا لعلاقاتنا بالآخرين. ففي عمليّة بناء الحضارات، كان هناك عاملٌ بارزٌ ألا وهو قدرة البشر الجليّة على تشكيل هويّات تتجاوز أيّ اختلافات حقيقيّة أو خياليّة. ولكن مع ذلك فإن هؤلاء الّذين طمحوا في اكتساب منفعة على حساب الآخرين، استندوا في أغلب الأحيان إلى الفروقات الحقيقيّة أو الوهميّة كوسيلة لتقسيم البشر وذلك من أجل تحقيق مآربهم وطموحاتهم الشّخصيّة. وعلى مرّ الزّمن، ترسّخت هذه الاختلافات المنبثقة من المصلحة الذّاتيّة وأخذت قالبًا من البُنى النّمطيّة المتعلّقة بالعرق والجنس والجنسيّة. غالبّا ما كانت هذه البُنى النّمطيّة تُستخدم في تعريف البشر وتقسيمهم إلى مجموعات. إن تحديد خصائص اجتماعيّة ومادّيّة معيّنة بهذا المفهوم الضّيق ووضعها في مركز فهمنا لأنفسنا وللآخرين كان له عواقب مدمّرة، سواءً استُخدمت تلك الهويّة كأساس للبحث عن أفضليّة على الآخرين أو ترسّخت ردًا على تجربة التّعصّب والقمع. فجزء من الواقع الاجتماعيّ المجزّأ بشدّة الّذي نجده من حولنا اليوم ما هو إلّا من تبعات هذه البُنى الضّيّقة للهويّة وملحقاتها.

  • "الإنسان اليوم هو الذي يقوم على خدمة من على الأرض كلها"
    حضرة بهاء الله
الهويّة المشتركة
 إنّ الهويّة المشتركة، تعمل كأساس لوحدة البشريّة. فهي لا تتجاوز الاختلافات الّتي تنشأ بسبب الولادة أو التّربية فحسب بل توحي أيضًا بالعمل من خلال توحيد النّاس وحملهم على التّعاون وتكوين علاقات وبناء المجتمعات. هذا هو السّبيل الوحيد للبشر ليتمكّنوا من تحقيق هدفهم المزدوج والمتمثّل بتطوير إمكاناتهم الفردية والمساهمة في النّهوض بالمجتمع. إنً مبدأ وحدة الجنس البشري هو تعبير عن حقيقتنا الجوهريّة. هذا التّعبير الموسّع عن إنسانيّتنا المشتركة يُعبّر عنه في المقتطف التّالي من آثار حضرة بهاءالله:
الوحدة في التّنوع
جميعنا كأوراق شجر واحد وأوراد حديقة واحدة. إن ما يميّز نسيج المجتمع في الكويت هو التنوع الجميل من حيث اللون، الثقافة، الجنسية، والدين، ويا حبذا أن نساهم جميعنا في أن نكون متحدين في تنوّعنا، نتعاون ونساند بعضنا بعضا لنرتقي سوياً إلى الامتياز.

يتفضّل حضرة عبد البهاء:

“لاحظوا أزهار الحدائق على الرغم من اختلاف أنواعها وتفاوت ألوانها واختلاف صورها وأشكالها ولكن لأنها تسقى من منبع واحد وتنتعش من هبوب ريح واحدة وتترعرع من حرارة وضياء شمس واحدة فإن هذا التنوع والاختلاف سبب لازدياد جلال وجمال أزهار الحدائق.. أما إذا كانت أزهار ورياحين الحديقة وأثمارها وأوراقها وأغصانها من نوع ولون واحد ومن تركيب وترتيب واحد فلا معنى ولا حلاوة له. فإذا اختلفت لونًا وورقًا وزهرًا وثمرًا، فإن ذلك زينة وروعة للحديقة وتكون في غاية اللطافة والجمال والأناقة. وكذلك الأمر بالنسبة لتفاوت وتنوّع أفكار وأشكال وآراء وطبائع وأخلاق العالم الإنساني فان جاءت في ظل قوّة واحدة ونفوذ واحد فأنّها ستبدو في غاية العظمة والجمال والسّمو والكمال. واليوم لا يستطيع أي شيء في الوجود أن يجمع عقول وأفكار وقلوب وأرواح العالم الإنساني تحت ظلّ شجرة واحدة سوى القوّة الكلّية لكلمة الله المحيطة بحقائق الأشياء”.
  • Text Hover
  • Text Hover
تعزيز الحياة العائلية
إنّ أحد المبادئ الاجتماعيّة المهمّة في الدين البهائي هو أنّ النّساء يجب أنْ يُعتبرنَ مساويات للرّجال، فيتمتّعن بحقوق وامتيازات مساوية لما يتمتّع به الرّجال كما ينلن تعليمًا مساويًا. وإنّ أعظم وسيلة يُعتمد عليها هي تّربية وتّعليم البنات، فتـنال البنات تعليمًا لا يقلّ جَوْدة عن تعليم البنين. وفي الحقيقة يجب اعتبار تعليم البنات أهم من تعليم البنين، لأنّ هؤلاء البنات سيصبحن أمّهات في المستقبل، وبصفتهن أمّهات فهنّ أولى المعلّمات للجيل القادم. إنّ الأطفال أشبه بالأغصان النّضرة الغضّة، فإنْ كانت تربية الأطفال في السّنوات الأولى من حياتهم تربية صحيحة فإنّ أغصانهم ترتفع قويمة، وإنْ كانت تربيتهم خاطئة اعوجّت أغصانهم .

وعندما تـنال المرأة الاعتبار اللائق بها ويسمح للنّساء بالتّعبير عن إرادتهن في إدارة الشّؤون الاجتماعيّة، فحينذاك يمكننا أنْ نتوقّعَ حدوث تقدّم عظيم في الشّؤون الّتي أُهملت سابقًا وهي: شؤون الصّحة وضبط النّفس، والسّلام، واحترام قيمة الفرد، وتعزيز الحياة العائلية وستكون هناك آثار بعيدة المدى للتّحسينات الّتي تجري على هذه الشّؤون.

وضمن تشكيلة العائلة، يتفضّل حضرة عبدالبهاء:

“فوفقا لتعاليم حضرة بهاءالله، يجب تثقيف العائلة، كونها وحدة إنسانية، وينبغي تعليم أفراد العائلة كافّة الفضائل الإنسانيّة كما يجب مراعاة سلامة الرباط العائلي على الدوام، وعدم انتهاك أي حق من حقوق أفرادها، فحقوق الابن والأب والأم جميعها يجب عدم انتهاكها. فكما أن للولد واجبات معيّنة تجاه والده، فكذلك للوالد واجبات معيّنة تجاه ولده. والأم والأخت وسائر أفراد العائلة لديهم امتيازات معينة، فكل هذه الحقوق والامتيازات تجب المحافظة عليها، وعلاوة على ذلك، يجب دعم وتعزيز وحدة العائلة، واعتبار أي ضرر يلحق بأي فرد منها هو ضرر يلحق الجميع، وراحة كل منهم هي راحة للجميع”.